الوجه الاَخر لبريتوريا.. الاضطراب في شمال أفريقيا والاستقرار في جنوبها

بعد يومين على نشر 2900 من قوات جيش جنوب أفريقيا فوق أراضي الكونغو الديمقراطية، تعرضت وحدة تابعة للجيش المذكور إلى استهداف بواسطة قذيفة، أسفرت عن مقتل جنديين.

ويستند التدخل العسكري لجنوب أفريقيا في أراضي الكونغو الديمقراطية، إلى قمة 8 ماي 2023 لمجموعة تنمية الجنوب الإفريقي “SADC”، لدعم النظام الكونغولي في استتباب الأمن والسلام.

ويؤشر هذا التحرك العسكري، على الدور الذي تود جنوب أفريقيا السعي إليه، من خلال الاستثمار في النزاعات الداخلية المسلحة، قصد بسط نفوذها في المنطقة.

وتعود جذور الصراع إبان الاستعمار البلجيكي للكونغو، الذي منح السلطة في كيفو شمال شرق البلاد، للأقليات التوتسية من أصول رواندية بوروندية وأخرى من أوغندا، نظرا للتداخل العرقي بين سكان المنطقة.

وقد أدى ذلك إلى إندلاع صراعات في المنطقة، استمرت بعد الاستقلال؛ نتيجة لمنح الرئيس الكونغولي موبوتو سيسي سيكو الجنسية لتلك الأقليات في 1972؛ قبل أن يعود ويربط الجنسية بالإنتماء الهوياتي والاثني للمنطقة.

شكل هذا الارتباك في القرارات اختلال في التوازنات، بين السيطرة الفعلية على الأراضي من قبل التوتسي، والمواطنة الهوياتية لسكان الكونغو؛ ما فجر صراع بين الأقليات العرقية.

وقد ظل هذا الصراع يغذي الفساد السياسي والعسكري، من أجل تحقيق مكاسب مادية من الثروات التي تزخر بها المنطقة، أدى إلى تشكيل تكتلات سياسية وعسكرية، للسيطرة على المعادن.

وقد مكن ذلك الحركات المسلحة في شمال شرق الكونغو، من أن تكون ذاتية التمويل، مما جعلها قائمة بذاتها، وسط صراع النفوذ بين السلطة المركزية والنخبة الفاسدة والميليشيات الموالية للدولة؛ وحركات “ام 23” الموالية لرواندا.

كما فجرت هته التطورات صراعات مسلحة، من أجل السيطرة على الإقليم؛ الأمر الذي دفع مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي “SADC”؛ إلى التدخل عسكريا.

وقد برر رئيس جنوب أفريقيا تدخله، بكونه يسعى إلى مكافحة الجماعات المسلحة؛ غير أنه يبرز مدى تناقض المواقف ومكر سلطات جنوب أفريقيا.

إذا أنه على النقيض من ذلك، تدعم جماعة مسلحة في شمال أفريقيا مناوئة للمغرب، وتوفر لها غطاء دبلوماسي.

فكلا الموقفين من الكونغو والمغرب متناقضين؛ فبينما تحرك قواتها هناك لبسط نفوذها في منطقة إفريقيا الجنوبية، بذريعة استتباب الأمن، تسعى عكس المنطق إلى تقويض الأمن في شمال أفريقيا.

كما تكشف هته التحركات المساعي الحقيقية لجنوب أفريقيا، وراء التحركات الدولية والإقليمية الأخيرة، لأجل الاستفاد من الصراعات الدولية والإقليمية، قصد جعل رأس الرجاء الصالح ممر تجاري عالمي للملاحة البحرية.

إذ أن صراع باب المندب في البحر الأحمر، مكن جنوب أفريقيا من إستعادت مركزها العالمي في الملاحة التجارية البحرية، بدل قناة السويس.

بينما تسعى لتقويض الأمن والاستقرار في شمال أفريقيا، لاستعادة نفوذها في القارة الأفريقية، عبر الاستثمار في الصراعات المسلحة الإقليمية والداخلية؛ بعد تكبد حليفها التقليدي في القارة الجزائر، هزائمة من غريمها التقليدي المغرب.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *