وجه محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، انتقادات حادة لمسارات تشريعية جارية، وصفها بمحاولة “تحصين الفساد” تحت ذرائع “وضع حد للابتزاز وتقنين الشكايات”. وأكد أن ما يروج له داخل أروقة المؤسسة التشريعية يمثل محاولة لتمويه الرأي العام، بينما الهدف الحقيقي – بحسب رأيه – يتمثل في توفير حصانة قانونية ضد المحاسبة وخلق امتيازات لفئات محددة.
أشار الغلوسي إلى أن ما يتعرض له من هجوم داخل البرلمان ضد مؤسسات الحكامة، التي وصفها بأدوات دستورية لتعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، يعكس استراتيجية ممنهجة لتقويض أدوارها الرقابية. واعتبر هذا التوجه “سلوكًا مستفزًا” يهدد أسس تخليق الحياة العامة، مشددًا على أن الأمر ليس مجرد اتهامات، بل حقائق تدعمها مؤشرات ملموسة.
من بين هذه المؤشرات، وفق الغلوسي، التقييدات التي يفرضها مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد، والذي يحصر حق إحالة تقارير الفساد إلى النيابة العامة في جهات إدارية حكومية، مثل مفتشيتي الداخلية والمالية. ووصف هذا التوجه بأنه مسّ باستقلالية القضاء وتهميش للنيابة العامة، مما يضعف آليات محاربة الفساد.
ولفت إلى خطورة إقصاء المجتمع المدني والأفراد من حق التبليغ عن قضايا الفساد، معتبرًا أن ذلك يفتح الباب أمام استغلال النخب المالية والسياسية للساحة العامة عبر آليات غير شفافة، مثل “شراء التزكيات” للوصول إلى المناصب. وحذر من أن هذه الإجراءات تعزز عزلة المجتمع المدني والقضاء عن المعركة الحقيقية ضد الفساد، وتفرغ مبدأ تخليق الحياة العامة من مضمونه.
كما أشار إلى تجميد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتباطؤ الملفات الحيوية مثل الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، رغم تأثيرها المباشر على المال العام. واتهم الغلوسي القائمين على هذه السياسات بالسعي لـ”بناء دولة داخل الدولة”، عبر احتكار السلطة والثروة، مما يشكل – وفق تعبيره – انتهاكًا لمبدأ المساواة أمام القانون واستقلال القضاء، ويقوض أسس الديمقراطية والحوكمة الرشيدة.