يعيش المشهد الحزبي المغربي على إيقاع تنافس صامت وعلني بين مكوناته حول من له الأهلية لقيادة حكومة المونديال سنة 2026 ، تنافس بين مكونات التحالف الحكومي وأحزاب المعارضة من جهة، وتنافس بين أحزاب التحالف الحكومي في ما بينها من جهة أخرى.
لكنه، تنافس حول المواقع وليس حول البرامج والأفكار، تنافس من أجل المصالح الحزبية والشخصية الضيقة، وليس بتنافس حول المصالح العمومية والوطنية، تنافس تباح فيه كل الوسائل للفوز بقيادة حكومة المونديال وفق النظرية الميكافيلية الغاية تبرر الوسيلة،وبعيد كل البعد عن قواعد التدافع السياسي النبيل.
أحزاب التحالف الحكومي الثلاثة تطمح لإعادة الهيمنة على المشهد الحزبي والسياسي، إن على مستوى مجالس الجماعات الترابية او المجالس الجهوية او البرلمان بمجلسيه، وهذه إحدى اهم مصائب إفرازات انتخابات سنة 2021، حيث تحكمت ثلاث أحزاب في كل المجالس محليا وجهويا وبأغلبية جد مريحة بمجلسي البرلمان، واقصت كل باقي مكونات المشهد الحزبي الوطني.
وهي ظاهرة فريدة في تاريخ المغرب السياسي المعاصر ، من الأكيد انها لن تتكرر بعد انتخابات 2026 لأسباب ذاتية وموضوعية، لكون السياق العام التي أفرز هيمنة التحالف الحكومي الثلاثي في انتخابات 2021 لن سيستمر، لانه سيتغير وفق تغير شروط انتاجه ، من جهة ،ووفق تغير قواعد اللعبة الانتخابية والسياسية وأهدافها وأجنداتها ومخططات المتحكمين فيها من جهة أخرى.
أحزاب التحالف الحكومي التجمع الوطني للأحرار والاصالة والمعاصرة والاستقلال قد تؤدي ضريبة كيفية تدبير سياساتها العمومية في ظروف اقتصادية واجتماعية وطبيعية صعبة، وضعفها التواصلي وعجزها في تسويق حتى منجزاتها.
حزب العدالة والتنمية الذي سيعيد انتخاب بنكيران امينا عاما جديدا في مؤتمره التاسع شهر ابريل الحالي يراهن على تجاوز زلزال الانتخابات السابقة والانبعاث من جديد من خلال استغلال الاوضاع السوسيو- اقتصادية الوطنية ،و المتغيرات الجيو- سياسية الإقليمية والدولية، وهناك أحزاب المعارضة التي تطمح لوضع حد لما تسميه بالتغول الحكومي.
لكن ، الرقم الصعب في الانتخابات القادمة الذي لا تنتبه اليه أحزاب التحالف الحكومي وأحزاب المعارضة هو صوت المواطن الذي فقد ثقته في أحزاب الأغلبية الحكومية التي لن تلتزم بوعودها الانتخابية ، وفي أحزاب المعارضة التي لا تتقن الا معارضة المزايدات السياسوية.
وعليه، فالأجواء والممارسات العامة التي ستفرز نتائج انتخابات 2026 لن تكون مختلفة عن سابقاتها ، بفعل ترسّخ الممارسات والعادات الفاسدة عند الناخب والمنتخب معا، فالتصويت على المرشح بدل الحزب او البرنامج ، واستعمال سلطة المال والقبيلة ، واستغلال فقر وجهل المواطن ستبقي اهم سيمات الانتخابات المقبلة .
وفي هذا الصدد يلاحظ المهتم ، ان الأحزاب السياسية المغربية مهتمة بالفوز بقيادة حكومة المونديال ، دون أي تفكير صادق ومسؤول في نسبة المشاركة التي تبقى أساسية في العمليات الانتخابية لإنقاذ انتخابات 2026 من خطر البلقنة بسبب المقاطعة أو الامتناع عن التصويت لكون نسبة من الناخبين محبطة من تناقض أقوال وأفعال الفاعل السياسي منذ إجراء اول انتخابات تشريعية بالمغرب الي اليوم.
وتركيزي -هنا- على أهمية المشاركة في العملية الانتخابية المقبلة ناتج عن قناعتي بأهميتها في إعطاء الفعل الانتخابي معنى، و إفراز مؤسسات منتخبة وطنية قوية ومنسجمة ، وتحصين الخريطة السياسية من أي بلقنة مرتقبة قد تهدد تماسك المؤسسات المنتخبة وتماسكها.
وعليه، قبل تسابق الأحزاب أغلبية او معارضة وتنافسها حول قيادة حكومة المونديال ، عليها ان تتنافس أولا في كيفية ضمان مشاركة مكثفة في الانتخابات المقبلة. وثانيا في كيفية إرجاع ثقة المواطن في الفعل الانتخابي ذاته.وثالثا التنافس في تزكية مرشحين مؤهلين لقيادة حكومة المونديال.ورابعا تنافس في افراز مؤسسات منتخبة بنخب مؤهلة لضمان موقع متقدم للمغرب في نظام دوالي جديد يتشكل مبني على القوة.
هذه هي تحديات التنافس الحقيقي والديمقراطي الذي على الاحزاب المغربية ان تتنافس فيه اما الباقي فهو تفاصيل.