قالت مصادر من داخل وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان إن مديري ومديرات الوكالات الحضرية يعيشون بين فكي كماشة، وسط ضغوط متزايدة من طرف الولاة والعمال من جهة، وتوجيهات الوزيرة الوصية فاطمة الزهراء المنصوري من جهة ثانية.
وأضافت المصادر أن هؤلاء المسؤولين يشتكون من “تدخلات سافرة” صادرة عن شخصيات في الإدارة الترابية، تجاوزت حدود الاختصاص، بل وصلت حد إهانة بعض المديرين. وأكدت أن مديرة وكالة حضرية دخلت في نوبة بكاء بعدما تلقت كلامًا مهينًا من مسؤول كبير، لا يمت بصلة للقطاع، وهو ما يعكس حجم التوتر والتجاذب في مراكز القرار.
وتابعت المصادر أن الوزيرة المنصوري سبق أن أكدت تحت قبة البرلمان أن الوكالات الحضرية ومجموعة العمران تخضع لوصايتها الكاملة، غير أن الواقع يظهر خلاف ذلك، إذ إن القرار الحقيقي بات في يد السلطات الترابية.
واعتبرت مصادر “الصباح” أن هذا التداخل بين الاختصاصات، والتنازع على سلطة القرار، يفسّر جزئيًا فشل الوزيرة في تنزيل تصاميم التهيئة للمدن الكبرى، رغم تعهدها بإخراجها إلى حيز التنفيذ خلال السنة الأولى من توليها المنصب.
وأكدت المصادر أن أغلب التصاميم وصلت مراحل متقدمة، وكان من المنتظر أن ترى النور، لولا أن لوبيات عقارية قوية تدخلت لعرقلة المسار، خاصة في مدن مثل طنجة والقنيطرة، حيث نجح لوبي مدعوم من منتخبين نافذين في تعطيل الوثائق مقابل خدمة مصالح مضيقة.
وأوضحت أن هذه اللوبيات ترتبط بعلاقات مع شبكات تبييض أموال، وتحظى بحماية داخلية، ما صعّب على الوزارة مهمة فرض النظام والشفافية، في وقت يُنتظر فيه إخراج جيل جديد من وثائق التعمير يعكس تطلعات المواطنين.
ورغم هذا الوضع المعقد، شددت المصادر على أن فاطمة الزهراء المنصوري تسابق الزمن لوضع تصور جديد للتخطيط الحضري، يشمل إنشاء 12 وكالة حضرية جهوية، وتعزيز التكامل بين المجالين القروي والحضري، مع منح الجماعات المحلية أدوات دقيقة لتدبير المجال وفق هوية واضحة ووظائف محددة.