هكذا تفاعل الإعلام الإفريقي مع اعتراف زوما بمغربية الصحراء

في تحول غير مسبوق داخل المشهد الإفريقي، أثارت زيارة الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما إلى الرباط وإعلان دعمه لمبادرة الحكم الذاتي المغربية تفاعلاً لافتاً من وسائل إعلام إفريقية اعتبرت هذه الخطوة مؤشراً على اختراق دبلوماسي مغربي جديد في دولة طالما عُرفت بدعمها لجبهة البوليساريو ومعاكستها للوحدة الترابية للمملكة.

تأكيد اعترافات القوى العظمي

الموقع النيجيري thenationonlineng أورد أن دعم حزبMKP، الذي يقوده جاكوب زوما، لمقترح الحكم الذاتي المغربي يأتي انسجاماً مع المواقف التي عبرت عنها قوى دولية كبرى كفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا، معتبراً أن اللقاء الذي جمع زوما بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة لم يكن لقاء مجاملة، بل محطة مهمة عبر فيها الحزب الجنوب إفريقي عن انضمامه إلى الدينامية الدولية المتنامية المؤيدة لمغربية الصحراء.

وأبرز الموقع أن زوما أكد اعتراف حزبه بالسياق التاريخي والقانوني الذي يؤسس لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، مشيراً إلى أن هذا التحول يعكس التزام حزب MK بالحفاظ على وحدة الدول الإفريقية وسيادتها ضد مشاريع التقسيم والتفتيت.

منعطف تاريخي جديد بين المغرب وجنوب إفريقيا

في السياق نفسه، اعتبرت وكالة AP News Africaine أن استقبال زوما في الرباط وتصريحاته الصريحة لصالح المقترح المغربي يشكلان منعطفاً رمزياً في العلاقة بين المغرب وجنوب إفريقيا، خصوصاً أن الحزب الذي أسسه زوما قبل أشهر فقط بات يمثل ثالث قوة سياسية في البلاد، ما يمنحه ثقلاً معنوياً يمكن أن يؤثر على التوازنات الداخلية في بريتوريا.

وأشارت الوكالة إلى أن هذا الموقف الجديد لا يمثل فقط قناعة شخصية لزوما، بل يعكس تحركاً سياسياً منظماً، خاصة بعد نشر الحزب وثيقة رسمية تؤكد أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تمثل الحل الواقعي الوحيد للنزاع، وأن الصحراء جزء لا يتجزأ من المغرب منذ ما قبل الاستعمار الإسباني.

البعد التاريخي حاضر في لقاء جاكوب زوما وبوريطة

موقع Agence Afrique ركز على البعد التاريخي للزيارة، من خلال تذكير زوما خلال لقاءه ببوريطة بالدعم الذي تلقاه نيلسون مانديلا في ستينيات القرن الماضي بالمغرب، مؤكداً أن العلاقة بين البلدين تعود إلى زمن النضال ضد نظام الفصل العنصري.

واعتبر الموقع أن زوما أراد عبر زيارته إعادة ربط الحاضر السياسي بإرث التضامن التحرري بين الرباط وبريتوريا، في تجاوز واضح للصراع الإيديولوجي الذي طبع مواقف جنوب إفريقيا الرسمية في العقود الأخيرة. وأبرز أن حزب MK يعارض مشاريع البلقنة التي تستهدف القارة الإفريقية، ويعتبر أن دعم الوحدة الترابية للمغرب جزء من معركة أكبر لحماية سيادة الدول الإفريقية.

وعي سياسي جديد يتجاوز المواقف الجامدة

أما الموقع الإخباري السنغالي senego، فرأى في موقف زوما تعبيراً صريحاً عن وعي سياسي جديد يتجاوز المواقف الجامدة التي ربطت بعض النخب الإفريقية بمشروع الانفصال. وأبرز الموقع أن حزب MK يرى في مبادرة الحكم الذاتي حلاً عملياً ومتوازناً يسمح بتحقيق التنمية والاستقرار في المنطقة، مع الحفاظ على السيادة المغربية.

وذكّر بأن الوثيقة السياسية للحزب، الصادرة في يونيو الماضي، استعرضت بالتفصيل الجذور التاريخية لمغربية الصحراء، استناداً إلى ولاء القبائل الصحراوية للعرش العلوي.

وأضاف senego أن زيارة زوما إلى الرباط جاءت لتعزيز علاقات سياسية جديدة في وقت تعيش فيه جنوب إفريقيا تحولات داخلية، قد تعيد تشكيل رؤيتها تجاه قضايا القارة، وفي مقدمتها نزاع الصحراء.

تفاعلات هذه المواقع مجتمعة تكشف أن زيارة زوما لم تمر كحدث بروتوكولي عابر، بل حملت مضموناً سياسياً بالغ الدلالة، سواء في ما يتعلق بإعادة رسم مواقف فاعلين جدد في جنوب القارة، أو في تعزيز الشرعية السياسية لمبادرة الحكم الذاتي داخل الفضاء الإفريقي.

وإذا كان موقف حزب MK لا يُلزم رسمياً الدولة الجنوب إفريقية، إلا أنه يعكس دينامية جديدة داخل النخبة السياسية في بريتوريا، قد تساهم في إعادة تشكيل المقاربة الرسمية لهذا الملف. فالمغرب، من جهته، استطاع أن يسجل نقطة دبلوماسية هامة في عمق جغرافي طالما كان معادياً لمصالحه، وأن ينقل النقاش من منطق الاصطفاف الإيديولوجي إلى منطق الحلول الواقعية المدعومة تاريخياً وقانونياً وسياسياً.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية