صدق وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف عندما وصف النظام الجزائري بـ”اللا وزن” و”اللا هيبة” و “لا مواقف دولية مؤثرة”، وقد تعزز هذا الانطباع من خلال ردود فعل الجزائر المتسرعة وغير المدروسة على الموقف الفرنسي الواضح من قضية الصحراء المغربية، حيث أظهرت الجزائر “سياسة صبيانية” وتفاخراً غير مبرر، معبرةً عن عجزها عن التكيف مع التطورات الدبلوماسية الكبرى.
الاعتراف الرسمي من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، أثار موجة من الغضب والاستنكار في الجزائر، حيث اعتبر “قصر المرادية” هذا التحول الدبلوماسي بمثابة “تصعيد غير مبرر” و”تحدٍ صارخ” لمواقفها الثابتة تجاه قضية الصحراء المغربية.
وفي رسالة تهنئة للملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ25 لتوليه العرش، أعلن ماكرون عن اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء، وهو تحول دبلوماسي كبير من شأنه أن يؤثر على الديناميات الإقليمية، وهذا القرار جاء كخضبة جديدة في مشهد النزاع المستمر حول الصحراء المغربية، ويعكس تغيرًا في المواقف الدولية تجاه هذه القضية الشائكة.
رغم أن الأمر كان مجرد إخبار الجزائر بقرار سيادي لدولة عظمى بحكم أنها طرف في النزاع (كما تزعم)، ورغم أن الأمر كان سريا ولم يفصح عنه رسميا لا من طرف فرنسا ولا من طرف المغرب، ورغم أن النظام العسكري الجزائري لا يتوقف عن ترديد أسطوانته المشروخة بأنه غير معني بهذه القضية ولا دخل له فيها وأن مجرد ملاحظ، ورغم أن القرار الفرنسي قرار سيادي ومن التهور مواجهته بذلك الأسلوب، إلا أن النظام المارق والخبيث لم يستطع على ذلك صبرا وسارع ،كعادته، إلى إفشاء الخبر وهو ما يعد خطأ دبلوماسيا خطيرا وسلوكا صبيانيا ومراهقيا.
وفي أعقاب الاعتراف الفرنسي، سارعت الجزائر إلى اتخاذ خطوات تصعيدية تشمل سحب سفيرها من باريس وإصدار بيانات استنكارية، هذه الخطوات تعكس حالة من الاضطراب والقلق لدى النظام الجزائري من تأثيرات القرار الفرنسي على مواقفه في الساحة الدولية.
ويتوقع مراقبون أن الجزائر ستباشر في الأيام القادمة سلسلة من التحركات الدبلوماسية التي تشمل تعزيز التعاون مع حلفائها التقليديين في القارة الأفريقية والعربية، كما بدأت في تنسيق جهودها مع بعض الدول التي لا تزال تدعم موقفها بشأن الصحراء، من أجل زيادة الضغط على فرنسا للعودة عن قرارها.
وكان الاستقرار في العلاقات الجزائرية- الفرنسية قد عاد في فبراير 2023، عقب أزمة دبلوماسية، بسبب “تورّط” المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي في تهريب مواطنة مطلوبة لدى القضاء الجزائري؛ فيما عاد معه الحديث مُجدّدا عن زيارة كانت مُرتقبة للرئيس الجزائري، إلى باريس، خريف السنة الجارية.
وتنتظر الجزائر وفرنسا التي تتقلب علاقتهما بين الهدوء والتوتر، استحقاقا مهما يتمثل في زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس نهاية شهر سبتمبر المقبل في حال إعادة انتخابه وهو المرجح. وسيكون تأكيد هذه الزيارة من عدمه في الأسابيع المقبلة مؤشرا مهما على مدى تضرر العلاقات، علما أن الزيارة تأجلت لثلاث مرات منذ إعلانها بداية 2022 بسبب توترات طارئة على العلاقات.
يبدو أن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء قد أعاد تشكيل قواعد اللعبة في العلاقات الدولية في شمال إفريقيا، حيث يعكس التغيير في موقف فرنسا تحولاً مهماً قد يغير من توازن القوى والتأثيرات الدبلوماسية في المنطقة.
ياك هو غير تبون خانز