تفاعلت الصحافة الإسبانية صباح اليوم بالمتابعة والتحليل وقراءة ما بين السطور لبلاغ الديوان الملكي حول اعتراف فرنسا رسميا بسيادة المغرب على الصحراء بعد سنوات من الجفاء الدبلوماسي.
وذكر بلاغ للديوان الملكي، اليوم الثلاثاء، أنه في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون رسميا لجلالة الملك أنه “يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية”.
وفي الرسالة ذاتها، والتي تتزامن مع تخليد الذكرى الـ 25 لعيد العرش، أكد رئيس الجمهورية الفرنسية “ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة”، وأن بلاده “تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي”.
الصحافة الإسبانية تفاعلت مع هذا القرار الفرنسي خاصة وأنه يأتي بعد سنتين من الموقف الإٍسباني الداعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية.
صحيفة الباييس قالت إن ’’ماكرون ذهب أبعد من الحكومة الإسبانية، ليؤكد، في رسالة إلى الملك محمد السادس، أن “الحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل النزاع” في إطار السيادة المغربية.
صحيفة الاوبجيكتيف قالت إن تغيير موقف فرنسا يأتي بعد عامين من اتخاذ إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة في الصحراء ، خطوة مماثلة في سياستها الخارجية، معتبرة أن خطة الحكم الذاتي المغربية هي “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لحل الخلاف.
ويأتي هذا الإعلان أيضًا بعد أزمة صامتة بين الرباط وباريس لعدة أشهر بدأ حلها في فبراير الماضي، وكانت بسبب مجموعة من العوامل المختلفة. ومن بين هذه الأسباب كان التقارب بين باريس والجزائر .
أما صحيفة الدياريو فقد وسمت القرار الفرنسي بالمناورة وشبهته بالتحول الذي شهدته إسبانيا، قبل عامين والذي أعلن عنه المغرب لأول مرة من خلال رسالة من بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس. وفي حالته، وصف سانشيز خطة الحكم الذاتي بأنها الاقتراح “الأكثر جدية وواقعية ومصداقية”.
ورغم أن فرنسا لا تربطها أي علاقة بالبوليساريو، فإن ماكرون تضيف الصحيفة الاسبانية يدعو “جميع الأطراف إلى الاجتماع بهدف التوصل إلى حل سياسي، وهو في المتناول”،
وأوضحت الدياريو أن الرئيس الفرنسي لا يقول ذلك صراحة، لكن التزامه لصالح خطة الحكم الذاتي المغربية والسيادة المغربية في نهاية المطاف يعني أنه يستبعد التنظيم المحتمل لاستفتاء لتقرير المصير (بدعم من الأمم المتحدة)، والذي هو المطالبة التاريخية لجبهة البوليساريو.
وتابعت أن وراء هذا التحول من جانب باريس، التي اختارت لسنوات خطة الحكم الذاتي، لكنها لم تذهب إلى حد اعتبارها “الأساس الوحيد” لإنهاء الصراع، يكمن الدور الاستراتيجي الذي تمنحه لعلاقتها الثنائية مع المغرب العديد من وجهات النظر.
وقالت إن الاعتراف الفرنسي يأتي تأكيدا أيضا على التحركات التي حدثت في السنوات الأخيرة في المجتمع الدولي، بدعم لا لبس فيه للمغرب من شركاء أساسيين مثل الولايات المتحدة وإسبانيا، ولكن أيضا من البلدان الأفريقية.ولا يقل أهمية عن ذلك التنمية الاقتصادية التي حدثت في الصحراء في السنوات الأخيرة نتيجة للجهود الاستثمارية التي تبذلها الرباط.
ويثق ماكرون يضيف المصدر، في أن أهمية هذه العلاقة الثنائية لكلا الطرفين ستمنع تكرار رد الفعل المتمثل في اضطرار الجزائر إلى قطع الاتصالات رسميًا مع إسبانيا عندما انضمت مدريد إلى نفس خطة الحكم الذاتي المغربية قبل عامين.
من جانبها اعتبرت تيلي مدريد أن الذوبان في جليد الأزمة بين الرباط وباريس جاء تدريجيا، فبعد نحو ثلاث سنوات من القطيعة، بدأت العلاقات بين المغرب وفرنسا تظهر علامات التحسن مع بداية العام الجاري.
وفي فبراير الماضي، سافر وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، إلى الرباط كدليل على المصالحة وأعلن فتح “فصل جديد” في العلاقات.
وتسارعت وتيرة المصالحة في الأشهر الأخيرة مع الأنشطة المتعددة التي قام بها السفير الفرنسي في الرباط، كريستوف لوكورتييه، وزيارة خمسة وزراء فرنسيين على الأقل، بما في ذلك وزراء الداخلية والزراعة والاقتصاد، إلى الدولة المغاربية.
وأعلن وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي، برونو لومير، خلال زيارته للرباط في أبريل الماضي، أن بلاده مستعدة للاستثمار في مشروع مغربي ضخم للربط الكهربائي سينقل الكهرباء من مدينة الداخلة إلى العاصمة الاقتصادية المغربية.
ومن شأن هذا الموقف الفرنسي أن يمنح الزخم المتواصل لقضية الصحراء أمميا، خاصة في ظل تعنت باقي الاطراف المعنية بالملف خاصة الجزائر، التي خرجت قبل أيام ببيان استباقي لخارجيتها منددا بالموقف الفرنسي وهو البيان الذي اعتبره مراقبون دليلا دامغا على تورط الجزائر في الملف رغم دفعها اكثر من من مرة بكونها غير معنية .