يبدو أن قصر المرادية، يحاول اللعب على الحبلين، جانب أول يتعلق بادعاء دعمه للقضية الفلسطينية والثانية تتعلق بالخوف من إسرائيل، وعدم محاولة الضرب في الأخيرة مخافة من الجانب الاقتصادي، لاسيما أن الجزائر مازال يصدر النفط لتل أبيب بالرغم من الهجومات المتواصلة للاحتلال على قطاع غزة.
وفي سياق ذي صلة، كشف عبد الرزاق مقري الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم (حمس) في الجزائر، إنه ممنوع من السفر للخارج بقرار من سلطات البلاد، مبرزا أن “الأمر له علاقة بتحركاته لصالح القضية الفلسطينية”.
فهل يلعب الكابرانات على الحبلين؟، سؤال يجيب عليه الشارع الجزائري الذي هاجم تبون، معتبرا إياه يحاول خدمة أجنداته فقط من أجل كسب الولاية الرئاسية المقبلة.
الكابرانات يمنعون سياسي من السفر بسبب فلسطين
وذكر مقري وهو سياسي إسلامي بارز، في تدوينة له على مواقع التواصل، أنه علم بالقرار بعد أن كان يهم قبل يومين بالسفر خارج الوطن، قائلا: “تم إخباري في موقع شرطة الحدود أنني ممنوع من الخروج”.
وتابع مقري “عند مناقشتي الضابط الذي كلف بإخباري وجدته لا يعرف شيئا عن الموضوع سوى أنني ممنوع وأنه لا يعرف غير هذا”.
وأبرز أنه تأكد لديه بأن سبب منعه من مغادرة التراب الوطني له علاقة بالقضية الفلسطينية.
منع للاحتجاجات
وكان مقري في 17 أكتوبر الماضي قد تعرض للتوقيف بسبب خروجه للشارع ليلا إثر مجزرة المعمداني التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، لكن أطلق سراحه بعد ساعات دون متابعة في حقه.
وتمنع السلطات الجزائرية المسيرات في الشارع خاصة في العاصمة منذ وقت طويل، وباتت أكثر صرامة في ذلك منذ سنة 2021 حيث تم إصدار بيان يتضمن الشروط الواجبة للقيام بمسيرة، وهو ما يكشف بالملموس حجم القمع في دولة العسكر.
“مخالفة للدستور الجزائري والقوانين ولمبادئ الحقوق الأساسية”
واعتبر رئيس “حمس” السابق أن هذا الإجراء الأمني بغض النظر عن السبب “مخالف للدستور والقوانين ولمبادئ الحقوق الأساسية للمواطن” و”يدل على استخفاف السلطات بظروف ومصائر الناس، دون أي اكتراث بما قد يلحق المسافر من الأذى في مصالحه المادية والمعنوية والنفسية وربما الصحية والتعليمية وغير ذلك، وكذا مصالح من لهم علاقة به وبسفره”، وهو إجراء يدل حسبه “على جرأة كبيرة في الدوس على الدستور والقوانين والأخلاق بمجرد الوهم من غير سؤال ولا حوار مع المعني وبدون أي احترام له كإنسان وكمواطن حر”.
وأكد مقري الذي سبق له قبل مدة أن عبّر عن رغبة في الترشح للرئاسة، أنه يقوم بنشر الخبر بنفسه للرأي العام وملابساته وآثاره بعدما لم يفلح في حل المشكل عن طريق الاتصال بالجهات المعنية وعدم استطاعته استئناف السفر للوجهة التي كان يريدها والقيام بأعماله وفق برنامجه وتحقق الضرر الذي لحق به، وفق ما قال.
ورغم منعه من السفر، أبرز مقري أنه ليس متابعا قضائيا، وقال “أثناء الليلة التي وقعت فيها مجزرة المستشفى الأهلي في غزة والتي خرجت على إثرها للشارع بشكل تلقائي دون تنسيق مع أحد ودعوت عبر هاتفي الناس للخروج لإظهار غضبنا كجزائريين ضد الصهاينة مثل غيرها من الشعوب في العالم أخبِرت رسميا بأنه لا توجد أي متابعة قانونية”.
السفر لدعم فلسطين يُغضب “الكبرانات”
وكان مقري الذي يدير منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة أثناء منعه من السفر متجها إلى الدوحة وماليزيا، حيث كان سيلتقي وفق ما ذكر “إسماعيل هنية لتهنئته وإجراء اتصالات لإبرام اتفاقات شراكة لعقد المؤتمر الدولي السابع لمنتدى كوالالمبور الذي سيعالج الانهيار القيمي والأخلاقي في العالم.. والالتقاء وفق مواعيد مضبوطة مع عدد من العلماء على رأسهم الشيخ الددو والشيخ الصلابي”.
وأما في ماليزيا، فقال مقري إنه كان سيلتقي مع الدكتور محمد مهاتير رئيس منتدى كوالالمبور لمناقشة المؤتمر وقضايا المنتدى بصفتي الأمين العام، بالإضافة إلى لقاءات أخرى مهمة مع العديد من الشخصيات حول قضايا المسلمين والقضية الفلسطينية، علاوة على ندوة كنت سأقدمها عن كتابي “الاستنهاض الحضاري وتحدي العبور”.
وتعقيبا على ما تعرض له، ذكر رئيس (حمس) السابق أنه مسرور أن يتعرض “لهذا الاعتداء الرسمي بسبب مناصرتي للقضية الفلسطينية، وسعادتي لا توصف أنني أتحمل ضمن الملحمة التاريخية العالمية التي دشنها طوفان الأقصى هذا الجزء اليسير من الأذى الذي لا وزن له مقارنة بما يكابده أهلنا في غزة”.
وأردف يقول إن “مواقفي في معارضة النظام السياسي التي تجعلهم ينتقمون مني بسببها كثيرة منذ سنوات، في مجال السياسة والحريات والاقتصاد ومكافحة الفساد، ولكن الحمد لله أن القضية التي اعتدى علي بسببها هي قضية مقدسة لا يختلف عليها الجزائريون”.
أعمال لصالح القضية الفلسطينية
وتحدث السياسي عن أعماله لصالح القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن الأمر ليس جديدا ولا يوجد أي سبب للتحسس منه من قبل السلطات، فقد كنت-كما قال- “الأمين العام لفرع مؤسسة القدس العالمية تحت رئاسة الشيخ شيبان والأستاذ عبد الحميد مهري رحمهما الله، وكنت رئيس الوفد الجزائري لأسطول الحرية.. وكنت رئيس الوفد الجزائري في قافلة شريان الحياة 5 الذي ضم أكثر من مائة فرد جزائري والعديد من القوافل بعد ذلك وكنت بخصوصها في اتصال دائم مع سفارتنا في مصر، وشاركت في مسيرة العودة التأسيسية الأولى في الأردن نحو الحدود الفلسطينية المحتلة، ونظمت وشاركت في مسيرات ومهرجانات لا تحصى لنصرة فلسطين في الجزائر وخارجها”.
وتابع يقول: “علاقتي مع الفلسطينيين مكشوفة واضحة لا تخفى على أحد وأنا عضو في حركة جزائرية اسمها الأول “حمس” نشأت كجزء من مسيرة الأمة لتحرير فلسطين، ومن بلد اسمه الجزائر شعاره الخالد “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، وأنا إذ أتعرض للأذى بسبب انخراطي في تحولات طوفان الأقـصى فإن ذلك شرف لي أكثر من أي مساهمة سابقة بالنظر للتحولات التاريخية التي أنشأها هذا الطوفان المبارك، الذي كنت أستشرفه دون أي معلومات سابقة عنه، وتحدثت عن ضرورة تصعيد المقاومة لإنقاذ القضية الفلسطينية من الضياع أياما قليلة قبل وقوعه، ووقع كما كنت أتوقعه وثمة شهود على ذلك، فكيف لا أحتفي به وقد كان جزء من فكري ومشاعري قبل حدوثه”.
تضييق ممنهج
واعتبر أن هذا التضييق “يدل على أنني أصبحت مستهدفا بشكل مباشر من النظام السياسي وقد أقدم على هذا التجاوز الظالم ضمن سياسة التحكم في الجميع المتبعة من قبل، وبغرض العزل السياسي المتعلق بالتحولات الجديدة، وبالاعتماد على حالة الركود السياسي والحقوقي العام في البلاد، وبالنظر أنه لا توجد قوة خارجية تسندني على غرار ما تفعله فرنسا وأمريكا والدول الأوربية حين يتم التضييق على أصدقائهم وحلفائهم أو عملائهم من النشطاء السياسيين الجزائريين”، وفق ما ذكر.
وانتقد مقري بشدة “هذا المستوى من تكميم الأفواه ومنع الحريات الذي قال “لم أر مثله من قبل، رغم طول سنوات النضال في العمل السياسي، فقد خرجنا في مسيرات في الشوارع منذ بداية التعددية دون ترخيص في وقت الإرهاب وفي ظروف أمنية أخطر بكثير من أي وقت، ووقع التدافع بيننا وبين رجال الأمن في الشارع، دون أي حقد ولا ضغينة، فلم يُحاسب أحد ولم يتابع أحد ولم يُمنع أحد من السفر”.
الجزائر تدعم اسرائيل
ونشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا حديثا حول التغيرات التي شهدتها استراتيجيات الدول العربية المنتجة للنفط في تعاملها مع التحديات الدولية القائمة اليوم، مركزة على التعاطي الجزائري والسعودي مع الأحداث الجارية في كل من قطاع غزة وأوكرانيا.
وبسط مسؤول أمريكي بارز رؤيته حول الموقف الجزائري من الحرب على غزة وفرضية استخدام النفط كوسيلة للضغط على إسرائيل، حيث أكد على استقرار التعاون بين هذه الدول والولايات المتحدة، مستبعدا إقحامها للنفط في هذه الأحداث.
وأشار التقرير إلى تجنب الجزائر والسعودية استخدام النفط كوسيلة للضغط، رغم قدرتها على توظيفه كورقة ضغط ثقيلة، بالتزامن مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة وتزايد الغضب في الشرق الأوسط والدول العربية.
وأرجع المسؤول الأمريكي الأمر إلى حرص القادة العرب على اتخاذ مواقف حذرة تعكس توجههم القاضي بتفادي المواجهة الاقتصادية في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة جراء تداعيات جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية.
وبالتركيز على الجزائر، أكد التقرير أن التقديرات الحالية تفيد بإستحالة استعمال بلاد الكابرانات للنفط كورقة ضغط لاعتمادها بشكل كبير عليه في تعزيز اقتصادها، كما توقع أن تكبد هذه الخطوة اقتصاد البلاد خسائر اقتصادية كبيرة، خاصة في ظل جهود الجزائر لزيادة صادراتها استغلالا منها للأزمة الروسية الأوكرانية.
وحذر التقرير من تداول قرارات في هذا الاتجاه لما لها من تبعات اقتصادية صعبة، وذلك في علاقتها بالتحديات الاقتصادية الراهنة والضغوط الدولية التي تجبر الدول العربية المنتجة للنفط على الامتناع عن استخدام النفط كوسيلة للضغط على إسرائيل في الوقت الحالي.