ضخامة الاعتماد المالي لرؤساء الجامعات تفرض التقيد بمبادئ الحكامة المالية وترشيد النفقات العمومية

بلغ إجمالي ميزانية قطاع التعليم العالي لمبلغ يفوق 16 مليار درهم، وفقا للتقرير الميزانية الفرعية لوزارة التعليم العالي برسم سنة 2024، الذي تقدم به الوزير الوصي على القطاع “عبد اللطيف ميراوي”، حيث حققت ارتفاع بـ % 6.8 بالمقارنة مع الموسم الفارط؛ تشمل تصاعد في اعتماد الأداء بـ %6 و%4 للوفاء فيما يخص ميزانية الاستثمار، أما التسيير فقد سجلت زيادة ب %10، بينما ميزانية الأجور ارتفعت بنسبة %5.3، بكلفة مالية تفوق 9 مليون درهم.

وحسب تقرير الوزير، من المرتقب بناء وتجهيز مشروع كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية وكلية الاقتصاد والتدبري بسطات، والتي رصد لها غلاف مالي بحجم 100 مليون درهم، كما ستكلف مشاريع برامج تعزيز أعداد الطلبة المسجلين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والرقمنة حوالي 200 مليون درهم، ثم 400 مليون مخصصة لمشاريع بناء وتجهزي مؤسسات جامعية برسم سنة 2024 بمختلف جهات المملكة.

كما سيكلف استكمال مشاريع توسيع الطاقة الاستيعابية للمؤسسات الجامعية مبلغ 440 مليون درهم، أما مشاريع تكثيف مهني الصحة بما يستجيب لحاجة القطاع للأطر الصحية، فقد رصد له مبلغ 657 مليون درهم، أما المتعلق بتكوين الأطر التربوية، فقد خصص له مبلغ مالي قدره 250 مليون درهم برسم ميزانية 2024.

وعليه فإن الآمرين بالصرف في قطاع التعليم العالي، وضعت تحت تصرفهم ملايير الدراهم، بما فيهم رؤساء الجامعات، الذين وضع تحت تصرفهم أكثر من 2 مليار درهم، بصرف النظر على البنود المشتركة، والتوزيع الجهوي في إطار مقاربة المبينة على العدالة المجالية في التعليم الجامعي، التي وصلت تقريبا لحوالي 7 مليار درهم.

غير أن ضخامة أموال الجامعة ينتظر منها نتائج حقيقة على أرض الواقع، والمراد منها هو تأهيل وتكوين العنصر البشري المؤهل والأطر المستقبلية للدولة، والكفيلة بتحقيق النهضة الحقيقية التي تنسجم مع الرؤى الملكية الاستراتيجي، كون أن الجامعة هي معقل ومصنع نخبة النخبة.

وفي هذا الإطار يعد الآمر بالصرف أمام مسؤولية ثقيلة، من حجم ترجمة سياسات الدولة بعيدة المدى، بما يضمن التلقائية السياسة العمومية مع السياسات الجامعية، وسياسة قطاع التعليم العالي، والمشاريع والبرامج الجامعية.

ولهذا الغرض، فإن تعيين رؤساء الجامعات يتم بناء على تصور بعيد المدى، بشكل يتخذ أسلوب القيادة الجامعية القائمة على مشروع جامعي، يلتزم فيه رئيس الجامعة بتنزيله خلال فترة ولائية لـ 4 سنوات مقابل ميزانية ضخمة يرجى رصدها من الدولة، من أجل تنفيذ برنامج رئيس الجامعة؛ ومن خلال تمتيع الجامعات والرؤساء ومجالس الجامعات بالاستقلال الإداري والمالي.

غير أن السياسة الجامعية سياسة مؤسساتية، ومن اللازمة أن تخضع للتقييم وتشخيص مردودية الأداء، ومراقبة مدى امتثال المسيرين الآمرين بالصرف بمشروع الجامعة المبرمج، وتنزيل السياسة القطاعية التي تدخل في نطاق اختصاصه، بما يتماشى مع ضخامة الاعتماد.

فنظرا للصلاحيات الواسعة التي تتمع بها الجامعة بما فيها الرئيس، إلا وأنها تحتاج للرقابة والتدقيق، عن طريق آلية لتقييم السنوي، قصد قياس مردودية الأداء المبينة على نتائج، وضمان تنفيذ السياسات القطاعية والمشاريع الجامعية إلى أبعد حد، واخضاعها للرقابة الدورية، من أجل تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة وفق روح الدستور ودون أني يستثني أي جهة.

فلا يمكن اعتماد مبالغ مالية ضخمة، ومنح اختصاصات واسعة لرؤساء الجامعات، دون التقيد بمبادئ الحكامة المالية وترشيد النفقات العمومية والسياسات العمومية القائم على نتائج الأداء، ومؤشر تشخيص الأعطاب وقياس النتائج، من أجل تقويم أي سياسة عمومية، بما فيها البرامج الجامعية تحت تصرف الرؤساء؛ الأمر الذي يتطلب اعتماد أدوات واَليات الحكامة والرقابة المالية، من أجل ترشيد النفقات الجامعية، وقياس نجاعة الأداء، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان جودة العرض الجامعي.

وعليه، فعلى الوزير الوصي إخضاع أداء رؤساء الجامعات لتقييم سنوي ، وفق البرنامج الذي تم على اساسه تعيين كل رئيس منهم، وكل خلل او تأخر في تنفيذ البرامج التي علي اساسها تم تعيينه يتطلب اعفاءه في سنته الاولى ، لانقاذ الجامعة من انهيار شامل اذا ما بقي في منصبه ثلاث سنوات احرى من ولايته،

لانه، لم يعد مقبولا ان نترك رؤساء جامعات ضعفاء في التدبير والحكامة مدة ولايتهم- اربع سنوات- على رئاسة الجامعات، اضافة الى محاسبتهم قبل مغادرتهم الرئاسة على مدى انزال البرنامج الذي تم على اساسه تعيينهم ، وكيفية صرف الاعتمادات الضخمة التي وضعن رهم اشارتهم، لان الاعتمادات المالية الضخمة التي توضع رهن رئيس الجامعة يجب ان ترتبط بالفعالية والمردودية وتاهيل الجامعة وكل الموسسات التابعة لها.

وهذا رسم بياني يخص توزيع ميزانية 2024 حسب الجامعات:

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *