يلاحظ المتتبع الدقيق للمشهد الحزبي المغربي اليوم أن الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية لا تسير بنفس الوتيرة نحو الاستحقاقات القادمة، بل هناك تفاوتات كبيرة بين التكتل الثلاثي.
فإذا كان حزب التجمع الوطني للأحرار متقدم ويعمل على أساس العودة لتصدر المشهد الحزبي لسنة 2026، فإن حزب الاصالة والمعاصرة بدأ يخطط للمحطة الانتخابية المقبلة على ثلاث أسس :الانفتاح الإقناع والاستقطاب لمنافسة حزب اخنوش ويظهر انه قوة قادمة، اما حزب الاستقلال فيمر وضعية استثنائية، فهو يعيش على إيقاع تدبير أزماته التنظيمية الداخلية وكيفية الاتفاق عقد مؤتمره،وكيفية تجاوز أزمته المادية ،حيث يبدو انه الحلقة الاضعف من بين أحزاب الأغلبية الحكومية.
في هذا السياق يتابع المواطن دينامية حزب التجمع الوطني للاحرار، وكيفية استمرار قيادته تنظيم الدورات واللقاءات الجهوية بكل جهات المملكة بشكل منظم وانضباط كبير لمناضليه، وهو ما يجعله يتميز عن باقي الاحزاب السياسية من ناحية الإلتزام ببرنامجه الانتخابي وتقييم تدبير منتخبيه للشأن السياسي العام محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا، ويعود الفضل في كل ذلك الى رئيسه عزيز اخنوش الذي لا يفكر في تدبير السياسات العمومية خارج فكرة ضرورة تصدر المشهد الحزبي لولاية ثانية ، شأنه في ذلك شأن حزب العدالة والتنمية الذي ترأس الحكومة ولاتين متابعتين ، مع التأكيد ان حزب التجمع الوطني للاحرار بدون عزيز اخنوش لا يمكن ان يتصدر الانتخابات المقبلة ، بل انه سيعود لحجمه الانتخابي الحقيقي اي احتلال مرتبة عادية من بين الاحزاب.
تجمع قيادات تجمعية ان قوة حزب التجمع الوطني للاحرار اليوم مستمدة من قوة عزيز اخنوش الرمزية والمالية والسياسية، ،من يقول العكس فهو واهم ،ولولاه لما تصدر الحزب المرتبة الاولى، لكون جل أعضاء المكتب السياسي وأعضاء المجلس الوطني وأعضاء منظمات الشباب والمراة والبرلمانيين والمستشارين هم منخرطون بحزب التجمع الوطني ليس عن قناعات فكرية او إيديولوجية او سياسية ، بل هم منخرطون بسبب تواجد عزيز اخنوش في رئاسة الحزب والحكومة، او بمعنى آخر جل هولاء منخرطون بالحزب من اجل عزيز اخنوش، وليس من اجل التجمع الوطني لاحرار الحزب -المؤسسة، وهذه المسالة أخطر ما يهدد مستقبل حزب الحمامة لانه مبني على الشخص بدل الحزب -المؤسسة
لذى ، يعمل عزيز اخنوش على هيكلة الحزب وتاهيل اجهزته ، وخلق جيل جديد من المناضلين الحقيقيين اوالصادقين بحزب التجمع الوطني للاحرار وبفلسفته ، القادرين على تحمل المسؤولية حتى من بعد مغادرته الحزب ، لكون عزيز اخنوش اعطي الكثير ، وضحى بالكثير من اجل الحزب ، وامنيته هو رؤيته حزب الحمامة يكبر والاستمرار في صدارة المشهد الحزبي في العقود القادمة.
وحسب عدة مؤشرات ، يعد حزب عزيز اخنوش اليوم من أول الأحزاب دينامية وحركية وتواصلا مع مناضليه وهذه الاستراتيجية ستكون لها تداعيات إيجابية على الحزب مستقبلا، حيث ان نسبة الانخراط بالحزب ستعرف ارتفاعا في السنوات المقبلة.
لذى، على قيادات الحزب الاستثمار في تقوية مناضليه بالحزب – المؤسسة والتشبت بمبادئ الحزب وافكاره والايمان بها والعمل من اجل التضحية من اجلها ، لكون الحزب قانونا هو تجمع بشري يضم افرادا لهم نفس القناعات والافكار ونفس الاهداف، لن الطامة الكبرى بالمغرب ان قوة الحزب ترتبط بقورة الزعيم وليس بقوة الحزب- المؤسسة
اما حزب الأصالة والمعاصرة فبدأ يتحرك ،حيث بدأ أنشطته بعقد اللجنة التحضيرية للمؤتمر الخامس والتي تم التوافق على سمير كودار رجل التنظيم بالحزب لترؤسها، وهذا مؤشر ان حزب الجرار يريد ان يكون منافسا قويا للحمامة سواء ذهب الامين العام الحالي وهبي أو بقي، وهذا يظهر جليا في البيان الختامي للحزب الذي اتفق فيه اعضاءه لعقد جولات جهوية بكل جهات المملكة بهدف التواصل والانفتاح والاستقطاب لتقوية التنظيم لحزب البام ،
وهو ما يفسر كيفية اختيار اعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر المقبل ، التي يقودها القوة الهادئة و الصاعدة سمير كودار بدعم غير مباشر من كل صقور حزب البام على رأسهم المرأة القوية المنصوري
والقيادي الشاب والرقم الصعب بالحزب المهدي بنسعيد ، وكل الكائنات الانتخابية والاعيان بالحزب.
مقابل حركية ودينامية حزبي التجمع الوطني للاحرار والاصالة والمعاصرة ،يلاحظ الكل صمت حزب الاستقلال وحضوره الباهت بالمشهد الحزبي، حيث لا أثر لتجمعاته او لتحركاته، لكون الحزب ما زال يعيش على وقع اختلافاته الداخلية التي يلعب فيها تيار الصحراء دورا أساسيا، إضافة الى المشكل المادي حيث يعاني الحزب من أزمة خانقة بسبب عدم توصله بالدعم من وزارة الداخلية.
حزب الاسنقلال حزب وطني كبير، يكبر ويصغر بقياداته وباجهزته وبتحركاته وعودته للقواعد وللشعب ، لذلك يبقى داخل الحكومة الحالية من الاحزاب الصلبة ولو بوزراء غير كارزماتيين باستثناء البعض،لكنه يبقى من بين اهمهم لقيادة الحكومة شرط تجاوز انتكاسة 2012 وما تلاها من كبوات .
وحسب مصدر قيادي من حزب الاستقلال، فالحزب اليوم هو تائه وحائر، ويعيش على تدبير أزماته الداخلية مما يشير انه لن يكون من الارقام الصعبة في الانتخابات المقبلة اذا ما استمر في الوضع الحالي، حيث لا يسمع احد عن اجتماعات للقيادة ولا عن لقاءات تواصلية ولا جماهيرية.على كل، حسب عدد من المهتمين يصعب تصور رئاسة الحكومة المقبلة خارج احزاب الاغلبية الحالية في ظل تواضع احزاب المعارضة التي اهتمت بمعارضة اخنوش وحكومته ونسيت تنظيم قواعدها واعادة هيكلة اجهزتها.