مدارس خاصة في مرمى الضرائب: كشف اختلالات بمليارات وفضائح مداخيل خفية تحت الطاولة

فتحت المديرية العامة للضرائب صندوق أسرار التعليم الخاص بالمغرب، بعد أن أطلق نظامها المعلوماتي عملية تصفية رقمية دقيقة كشفت عن شبكة من الاختلالات والتلاعبات الضريبية داخل عدد من مؤسسات التعليم الخصوصي. فبحسب معطيات حصلت عليها جريدة “الصباح”، تم تحديد لائحة أولية من المؤسسات التي ستخضع لمراجعة ضريبية معمقة، على خلفية قرائن قوية تؤكد إخفاء مداخيل ضخمة.

التقرير الرقمي للمديرية كشف أن عدداً من المدارس تُصرّح بمداخيل لا تتناسب إطلاقًا مع العدد الحقيقي للتلاميذ المسجلين، بناء على مقارنة دقيقة مع بيانات الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. المفاجأة الأكبر؟ مؤسسات تعتمد الدفع النقدي لرسوم التمدرس، وهو ما يفتح أمامها باب التهرب الضريبي على مصراعيه، بعيدًا عن أعين الرقابة الجبائية.

كما رصد النظام استخدام هذه المؤسسات لمنصات الإنترنت للإعلان عن خدمات الدعم المدرسي المدفوعة خارج التصريح الضريبي، حيث يتم استغلال الفترات المسائية لتقديم حصص الدعم الخصوصي بمبالغ باهظة، قد تصل إلى 2000 درهم شهريًا للتلميذ الواحد في المستوى الإعدادي، خصوصًا في المواد العلمية مثل الرياضيات والفيزياء.

وتُظهر التقديرات الأولية للمديرية أن حجم المداخيل غير المصرح بها يتجاوز 850 مليون درهم (أي أكثر من 85 مليار سنتيم)، ما يمهد الطريق لتحصيل مليارات إضافية من الضرائب لفائدة خزينة الدولة.

في تعليقه على الموضوع، أكد محمد النحيلي، رئيس اتحاد آباء وأولياء التلاميذ بمؤسسات التعليم الخاص، أن هذه الخطوة تمثل ضربة قوية للريع التربوي، وفرصة حقيقية لإرساء قواعد العدالة الجبائية، داعيًا إلى إجبار المؤسسات على اعتماد وسائل دفع رقمية فقط، مثل الشيكات والتحويلات البنكية، لمنع الإفلات الضريبي الناتج عن الأداء نقدًا.

النحيلي دعا كذلك إلى تمكين الأسر من خصم مصاريف التمدرس من دخلهم قبل احتساب الضريبة، ما سيجعلهم يطالبون بإثباتات أداء رسمية، ويجبر المؤسسات التعليمية على التصريح بجميع المبالغ المتحصل عليها، مما يعزز الشفافية ويخفف العبء المالي عن الأسر.

وفي ظل هذه التطورات، طالب فاعلون بضرورة تحرك المصالح الوزارية المختصة، لمراقبة مدى احترام هذه المؤسسات لالتزاماتها الاجتماعية تجاه العاملين بها، خاصة في ما يتعلق بالأجور والتغطية الاجتماعية، ما يعني أن زلزالاً تنظيمياً وماليًا قد يضرب قريبًا خارطة التعليم الخاص بالمملكة.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *