شهدت جلسة مجلس النواب اليوم، مناقشة واعتماد النظام الداخلي الجديد للمجلس، الذي تضمن مدونة سلوك وأخلاقيات برلمانية تهدف إلى تخليق الحياة البرلمانية، وجاء هذا الإجراء تماشيًا مع التوجيهات الملكية السامية التي دعت إلى تعزيز النزاهة والشفافية في العمل البرلماني بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس البرلمان.
وقد حظيت التعديلات بتوافق واسع بين مختلف الفرق البرلمانية، حيث أكدت فرق الأغلبية البرلمانية خلال الجلسة على أهمية هذه المدونة في تنظيم العمل البرلماني والارتقاء بمستوى الأداء التشريعي والرقابي.
وأكد حسن بن عمر، عضو فريق التجمع الوطني للأحرار، خلال جلسة مجلس النواب اليوم، أن النظام الداخلي الجديد يأتي في سياق خاص، تميز بالرسالة الملكية الموجهة للبرلمان بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسه، الذي دعا فيه إلى تخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات تكون ذات طابع قانوني ملزم، بهدف تعزيز الحياة العامة داخل المجلس النيابي.
أوضح بن عمر أن الدستور يمنح مجلس النواب حق وضع نظامه الداخلي وفقًا لأحكام الفصل 69 من الدستور، إلا أن هذه المهمة تتطلب تفاعلًا مؤسساتيًا مع التوجيهات الملكية السامية، مشددا على ضرورة تجاوز النقاشات العقيمة والمصالح الضيقة لصالح المصلحة العليا للوطن.
وأشار بن عمر إلى أن مدونة السلوك وتخليق الحياة البرلمانية تهدف إلى تنظيم عمل النواب وأعضاء البرلمان بأفضل طريقة، من خلال ترسيخ قيم النظام الديمقراطي وتعزيز التفاني والإخلاص في خدمة الأمة، مؤكدت أن هذه المدونة لا تحد من صلاحيات الأعضاء بل تنظم أداءهم لمهامهم بشكل يتناسب مع موقعهم الدستوري.
وأضاف أن الاهتمام بتخليق الحياة البرلمانية ليس جديدًا، بل هو مسار طويل بدأ من الأعراف البرلمانية وصولًا إلى تقنينها في قواعد قانونية، كما أن الرسالة الملكية الأخيرة أعطت دفعة قوية لهذا المسار، خاصة بعد مرور 60 سنة من التجربة النيابية.
وأشاد بن عمر بالتعديلات المتداولة في النظام الداخلي، مؤكدًا أنها تمثل خطوة متقدمة نحو الحد من تضارب المصالح وكل ما من شأنه أن يشوه صورة المجلس. ودعا إلى تضافر الجهود لتطبيق هذه التعديلات بما يعزز من شفافية وكفاءة العمل البرلماني.
ومن جهته، استحضر النائب البرلماني عبد الرحيم بوعزة عن فريق الأصالة والمعاصرة مضامين الرسالة الملكية إلى المشاركين في الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي بتاريخ 17 يناير 2024، والذي أكد فيها على ضرورة تخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات تكون ذات طابع قانوني ملزم.
واضاف النائب البرلماني أن هذا الأمر “هو الذي انكب عليه مجلس النواب بكل مكوناته وتغليب المصلحة العليا للبلاد، منتهيا إلى مضامين وجيهة سيكون لها أثر إيجابي على على صورة مؤسستنا التمثيلية بما ينسجم مع الأدوار الكبرى الموكولة على عاتق المؤسسة الراسخة في بنائنا الدستوري والمؤسساتي”.
وأشار بوعزة إلى أن “الممارسة النيابية استدعت في علاقتها بمختلف مناحي العمل الحكومي ومنجز مختلف الهيئات والمؤسسات المنصوص عليها في الدستور حاجة النظام الداخلي المستمرة إلى التلاؤم مع المستجدات حتى تصير الممارسة النيابية في اتساق مع القواعد الدستورية وما انتهى إليه قضاؤنا الدستوري من أحكام واجتهادات ملزمة للجميع”.
لذلك كان ضرورياً، يقول المتحدث إن “ملاءمة مقتضيات النظام الداخلي مع المستجدات التي طالت نظام العضوية في مجلس النواب، وحالات التنافي والحالات التي يجرد فيها العضو من عضويته، وذلك لتتلاءم مع التغييرات المدخلة على مجموعة من القوانين التنظيمية والقوانين المنظمة لعدد من المؤسسات والهيئات. كما أن الممارسة بينت ضرورة العمل على تدقيق اختصاص مكتب مجلس النواب إن على مستوى التشريع أو الرقابة على العمل الحكومي أو تقييم السياسات العمومية أو ما يتصل بالدبلوماسية البرلمانية”.
أما الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، فقد أكد عبد المنعم الفتاحي على أن مجلس النواب حرص على التفاعل الفوري مع التوجيهات الملكية بإحداث لجنة خاصة، معطيا بذلك للتوجيهات الملكية مدلولها الحقيقي من أجل تخليق الممارسة البرلمانية بشكل يساهم في تعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة والرفع من مستوى مصداقيتها.
وقال الفتاحي أن المراجعة شملت إعادة النظر في الهندسة الشكلية للنظام الدخلي لمجلس النواب لضمان التجانس والانسجام بين مقتضياته والولوج الميسر لمضامينه والوضوح الشامل لتبويبه.
وأبرز النائب بإيجابية ما جاء به النظام الداخلي من تعديلات تهم توسيع قاعدة الديمقراطية التشاركية، معتبرا التنصيص على دعوة الجمعيات المهنية للقطاع الخاص للاستماع إليها مكسبا من شأنه تقوية آلية المراقبة البرلمانية، إلى جانب المؤسسات والمقاولات العمومية.
وشدد المتحدث ذاته أن هذه التعديلات التي جاء بها النظام الداخلي تشكل دعامة أساسية لتقوية الممارسة البرلمانية وتعزيز المكاسب التي تحققت في مجال العمل البرلماني، مطالبا بالاستثمار الأمثل لهذه المكاسب، بما فيها ترسيخ المسار الديمقراطي.