في جو مشحون و”اتهامات متبدالة”.. كواليس نزول “الرفاق” من سفينة الإخوان

قررت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية بالأغلبية مغادرة حكومة سعد الدين العثماني، والتوجه نحو المعارضة، وذلك في اجتماع مفتوح عرف اشتباكا بالأيادي وتبادلا للاتهامات بين تياري نبيل بنعبد الله الراغب في النزول من سفينة العثماني من جهة وتيار أنس الدكالي الذي يرغب في مواصلة الاستوزار في الحكومة الحالية.

كواليس ما قبل “المغادرة”.. قادة “الكتاب” حركت الهواتف

 

مباشرة بعد قرار المكتب السياسي، تقول مصادر داخل اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، أن هناك تيارين كانو داخل اللجنة الأول يترأسه الأمين العام لحزب “الكتاب” نبيل بنعبد الله والمتجه نحو الخروج من الحكومة في حين بادر عضوي المكتب السياسي للحزب أنس الدكالي وسعيد فكاك بالإتصال بأعضاء اللجنة للبقاء في الحكومة ومواصلة ركوب سفينة سعد الدين العثماني .

نفس المصدر أكد أن سعيد فكاك منذ اجتماع المكتب السياسي للحزب كان مع قرار البقاء إلا أنه في نهاية المكتب السياسي تحول رأيه لرأي بنعبد الله بمغادرة الحكومة في حين غاب أنس الدكالي من اجتماع المكتب .

وأشار نفس المصدر أنه بالرغم من تحركات الإسمين إلا أن غالبية أعضاء اللجنة المركزية تتجه نحو المغادرة والتوجه نحو المعارضة .

ويضيف مصدر “بلبريس” أنه كان هناك تيار داخل اللجنة المركزيةغاضبا من قرار المكتب السياسي حيث كان له رأي آخر المتمثل في أن يكون الرأي من داخل برلمان الحزب إلى أن يعرض أمام المكتب السياسي ويتم إتخاد القرار، وهم والذين صوتو بالامتناع .

بنعبد الله : سنتوجه للمعارضة.. وهناك “أقلية” رافضة

 

وبعد حسم اللجنة المركزية لقرار المكتب السياسي للحزب، يقول الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية  نبيل بنعبد الله :”حزب التقدم والاشتراكية خرج بأغلبية ساحقة ، واللجنة المركزية زكت التقرير التي تقدمت به بإسم المكتب السياسي للحزب والداعي للانسحاب من التحالف الحكومي”.

ويضيف بنعبد الله لـ”بلبريس”: “هناك أقلية قليلة لم يرقها التصويت مع الأسف انطلاقا من تربية غريبة لا تمت بصلة لأخلاق حزب التقدم والاشتراكية وكان رد فعلهم دون المستوى لكن هذه كلها أمور تمر وواصلنا الاجتماع” .

 

ويشدد المسؤول الحكومي السابق :”واليوم سيواصل الحزب مساره بهدوء باقتناع راسخ في المعارضة الهادفة والبناءة تساند كل ما هو إيجابي وستعارض كل ما نراه ليس في صالح شعبنا “.

وخلص بنعبد الله في تصريحه :”هذا القرار سيمكننا من إعادة بناء حزبنا، لأن أزيد من عشرين سنة في المعارضة جعلت تنظيماتنا تتلاشى بعض الشيئ فسنعمل وسنعود بقوة في المستقبل القريب “.

شرفات أفيلال : ليس للحقائب الوزارية دور في الخروج من الحكومة

أما كاتبة الدولة السابقة شرفات أفيلال والمساندة لقرار المكتب السياسي للحزب فتقول أن “قرار الحزب القاضي بمغادرة الحكومة ليس وليد اللحظة، ولكن ناتج عن مجموعة من التراكمات لأزيد من سنة ونصف ونحن نتداول في كل مرة” .

وتضيف شرفات أفيلال لـ”بلبريس”  أن “التحالف الحكومي غير متماسك وتحالف هش، وقرار المغادرة ليس أمرا كارثيا بالنسبة لحزب سياسي، ونحن متعودون على المعارضة وانخرطنا في الحزب عندما كان حزبا معارضا” .

وبخصوص دور الحقائب الوزارية في مغادرة الحزب للتحالف الحكومي تشدد المسؤولة الحكومية السابقة “لم ننتقل مع سعد الدين العثماني رئيس الحكومة لمناقشة الحقائب، واشتغلنا في الحكومة بحقيبة واحدة ولكن كانت في سياق سياسي مختلف، أما اليوم فنحن أمام سياق سياسي معقد يستدعي رجة ونفس سياسيين ورؤية ووضوح للانتظارات التي تعرفها البلاد “.

احتجاجات وتبادل الاتهامات بين الدكالي وبنعبد الله وشرفات أفيلال

وسط احتجاجات  صدرت من موالين لتيار نبيل بنعبد الله داخل حزب التقدم والاشتراكية، التي توافق الأمين العام والمكتب السياسي في موقفه بمغادرة الحكومة، بعد ما شدد أنس الدكالي في كلمته أنه لا يوافق على قرار الخروج من الحكومة ، قرر وزير الصحة وعضو المكتب السياسي للحزب مغادرة اجتماع اللجنة المركزية للحزب قبل أن يقنعه مجموعة من رفاقه بالعودة .

 

وحاول نبيل بنعبد الله في كلمته استدراك الوضع، والدفاع على قطاع الصحة الذي يديره زميله (المعارض لقرار المكتب السياسي) أنس الدكالي قائلا في كلمته :”هذا القطاع تعرض لانتقادات شديدة منذ البداية وهذا لغز وهل جاءنا ذلك من نيران صديقة أم خصوم يريد”.

ويضيف بنعبد الله :”كل الوزراء يحضون بنفس الاحترام والتقدير”، مضيفا في كلمته ومشيرا لأنس الدكالي والفهري :”تسعون في المئة توجهت مع قرار المكتب السياسي و عشرة في المئة ضد وأنا أقدر أن هناك مناضلين للحزب متشبتين بمواقعهم وأنا أقدر هذا الأمر”.

ويتابع الأمين العام لـ”الكتاب” :”قبل سنوات التقيت بعبد الإله بنكيران وعبد الله باها وقلت لهم أن دخولكم للحكومة بهذا الوزن سيجعل من أعضائكم متشبتين بمواقعهم بالرغم من خطابكم الديني ونحن كذلك بالرغم من شعاراتنا بالديمقراطية والشفافية وهناك رفاق متشبتين بمواقعهم ” في إشارة لأنس الدكالي .

 

ودعا بنعبد الله رفاقه للتشبت بوحدة الحزب : “يجب المحافضة على وحدة الحزب كلنا رفاق … طبيعي تدخلنا تصرفات لا تمث للحزب بصلة بالنظر للمواقع” .

هذه الاحتجاجات ذهبت إلى حد تبادل الاتهامات بين اسماعيل الحمراوي المرشح السابق لقيادة الشبيبة الاشتراكية، وعضو اللجنة المركزية لـ”الكتاب” وبين مجموعة من أعضاء اللجنة الذين يدعمون طرح أنس الدكالي وسعيد فكاك، وتجاوز الأمر لتبادل الاتهامات بين نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية وأنس الدكالي بالإضافة للأخير وشرفات أفيلال.

وفي الخارج احتجاجات كذلك من الرافضين للقرار الذي تجمعو في بهو المقر المركزي للحزب للاحتجاجات واتهام القائمين على اللجنة المركزية بالتزوير .

 

الدكالي : قرار المغادرة خطأ تاريخي

 

أما بالنسبة لأنس الدكالي الذي يعد القيادي البارز داخل حزب التقدم والاشتراكية الذي يذهب في توجه البقاء في الحكمة، فيرى أن قرار المغادرة يعد “خطأ تاريخيا” .

ويتهم أنس الدكالي في تصريح لـ”بلبريس” أن تصويت اللجنة المركزية شابته خروقات وأن التصويت كانت “مزورا” .

ويتستغرب الدكالي من قرار المغادرة الذي جاء في هذا الوقت بالضبط، مضيفا أنه:”لا يمكن أن نتوجه للمستقبل بنفس ديمقراطي جديد وأن لا يكون لنا صدر رحب لكي نمارس ديمقراطيتنا داخلية “.

 

 

سعيد فكاك : لم أكن مقتنعا بقرار المغادرة.. لكن سأطبق قرار الحزب

 

ويقول سعيد فكاك عضو المكتب السياسي، أنه لم يكن مقتنعا بالخروج من الحكومة وقدمت المبررات لذلك .

 

ويضيف فكاك لـ”بلبريس” أنه بعد قرار اللجنة المركزية القاضي بتوجه التقدم والإشتراكية نحو المعارضة سيطبق قرار الحزب، وانتهى الكلام .

اللجنة المركزية تحسم “المغادرة”

ووسط الاحتجاجات و”القربالة” الواقعة في القاعة، لجنة “الحسم” صوتت بالخروج من الحكومة وذلك بعد نقاش دام ساعات .

 

وصوت 241 عضوا باللجنة المركزية لصالح قرار الخروج من الحكومة، وعارض القرار 34، بينما صوت بالامتناع ستة أعضاء.

 

قرار المكتب السياسي لـ”الرفاق” القاضي بمغادرة سفينة العثماني

 

وكان المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية قد قرر في الفاتح من شهر أكتوبر المغادرة من الحكومة :

ومنذ إطلاق  رئيس الحكومة للمشاورات المتعلقة بالتعديل الحكومي، حرص حزب التقدم والاشتراكية، في تفاعل مع توجيهات خطاب العرش، على التأكيد على أولوية المدخل السياسي للتعديل الحكومي الذي يجب أن يتأسس على مضمون برنامجي إصلاحي طموح، تحمله إرادة سياسية قوية معبر عنها بوضوح، وحضور ميداني متواصل يحدث التعبئة المرجوة.
كما يسجل حزب التقدم والاشتراكية، بأسف، أنه عوض أن يتم أخذ كل ما سبق بعين الاعتبار، ظلت المشاورات المتصلة بالتعديل الحكومي حبيسة منطق المناصب الوزارية، وعددها، والمحاصصة في توزيعها، وغير ذلك من الاعتبارات الأخرى، دون النفاذ إلى جوهر الموضوع، حيث لا إصلاح دون المدخل السياسي الواضح، والبرنامج الحكومي الطموح المرتكز على الأولويات الأساسية، والإرادة القوية في حمل مشروع الإصلاح ورفع تحدياته وربح رهاناته.
لذلك، وبعد تداول معمق لموضوع التعديل الحكومي من مختلف جوانبه خلال اجتماعات عديدة طيلة الأسابيع الأخيرة، في إطار من الجدية والاتزان والمسؤولية، يعتبر المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية أن الوضع غير السوي للأغلبية الحالية مرشح لمزيد من التفاقم في أفق سنة 2021 كسنة انتخابية، مما سيحول دون أن تتمكن الحكومة من الاضطلاع بالمهام الجسام التي تنتظرها، ولا أن تتجاوب بالقدر اللازم مع التوجيهات الملكية المؤطرة لهذا التعديل.

لذا، وتأسيسا على كل ما سبق، يعلن المكتب السياسي، بأسف شديد، أنه اتخذ قرار عدم الاستمرار في الحكومة الحالية، على أساس أن يظل، من أي موقع كان، حزبا وطنيا وتقدميا يعمل من أجل الإصلاح والديمقراطية ويناضل من أجل تغيير أوضاع بلادنا وشعبنا نحو الأحسن، معبئا في ذلك وراء صاحب الجلالة، ومصطفا إلى جانب كافة القوى المجتمعية الديمقراطية الحية والجادة، وساعيا إلى الإسهام في النهوض بدور وموقع ومهام اليسار في بلادنا، يساند بروح بناءة كل المبادرات الإيجابية، ويناهض بكل قوة كل ما من شأنه أن يقوض جهود بلادنا وتضحيات جماهير شعبنا من أجل بناء مغرب التقدم والكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.

ويعلن المكتب السياسي أنه سيوجه الدعوة لانعقاد دورة خاصة للجنة المركزية، يوم الجمعة المقبل (4أكتوبر 2019) قصد تدارس هذا القرار والمصادقة عليه وذلك طبقا للقانون الأساسي للحزب.

 

 

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *