تحوّل المؤتمر الإقليمي الخامس لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالناظور إلى مسرح صدام محتدم بين تيارين متناحرين داخل الحزب، بعد أن فجّر الكاتب الأول إدريس لشكر أزمة تنظيمية جديدة، اعتبرها متتبعون دليلاً قاطعًا على حالة الاحتقان والتصدع التي يعيشها الحزب من الداخل.
ففي الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن يشكل المؤتمر لحظة تقييم وترتيب للبيت الداخلي، فاجأ لشكر الحاضرين بإعلان ترشيح محمد أبركان، النائب البرلماني ورئيس جماعة إعزانن، للانتخابات التشريعية المقبلة، في خطوة وُصفت بأنها “انقلاب على القانون الأساسي للحزب” الذي يخول لجنة الترشيحات مهمة اختيار المرشحين، لا الكاتب الأول.
وبحسب مصادر حزبية، دخل لشكر قاعة “الوحدة” التي احتضنت المؤتمر وهو يحمل “صكوك البرلمان”، في إشارة إلى فرض مرشحه دون استشارة القواعد أو العودة للمؤتمر الوطني، قبل أن يُعلن تعيين أبركان كاتبا إقليميا للحزب، ما اعتُبر تمهيدًا واضحًا لبسط نفوذه واستمراره على رأس الحزب خارج منطق التداول الديمقراطي.
القاعة تحوّلت إلى حلبة سجال مفتوح، حيث اندلعت مشادات كلامية وملاسنات حادة بين القيادات والمنتسبين، تبادل خلالها الحاضرون الاتهامات والشتائم، في مشهد غير مسبوق يُلخّص عمق الأزمة السياسية والتنظيمية التي يعيشها الحزب العريق.
مصادر من داخل الحزب أكدت أن الكلمة الافتتاحية للكاتب الأول لم تأتِ بجديد، بل كرر فيها العبارات ذاتها التي ألقاها في مؤتمرات سابقة، متجاهلًا متطلبات المرحلة وتطلعات القواعد الحزبية إلى خطاب يجمع ولا يُقصي. واعتُبرت هذه الممارسات دليلًا على استمرار القيادة الحالية في اعتماد منطق “الترضيات وتقسيم الغنائم”، بدل احترام آليات الديمقراطية الداخلية.
قيادي بارز في الحزب صرّح بأن ما حدث في مؤتمر الناظور ليس سوى انعكاس لأزمة وطنية أعمق تهدد مستقبل الاتحاد الاشتراكي، مؤكدا أن الحزب اليوم أمام لحظة مفصلية: إما التجاوز الجماعي للصراعات الداخلية وبناء حزب تشاركي قوي، أو الانزلاق نحو مزيد من التشرذم قد يُفقده ما تبقى من رصيده الانتخابي.
وفي ظل اقتراب المؤتمر الوطني، تتعالى الأصوات داخل الحزب مطالبة بإصلاح حقيقي يعيد الثقة للمُنتمين ويؤسس لقيادة تشاركية، بدل الاستمرار في التسيير الفردي والقرارات الانفرادية التي أصبحت علامة فارقة في عهد إدريس لشكر.