أعرب مركز عدالة لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء الطريقة التي اعتمدتها السلطات المحلية بإقليم الخميسات في تنفيذ حملة تحرير الملك العمومي، معتبراً أن المبادرة، رغم مشروعيتها، أثارت ردود أفعال متباينة بين مؤيدين ورافضين لما وصفه بـ”غياب المقاربة التشاركية وتجاهل الآثار الاقتصادية والاجتماعية المحتملة” على الفئات المستهدفة.
وأوضح المركز، في بيان رسمي، أن هذه العملية “تُعد من المطالب الاجتماعية الملحة التي تستوجب حلولاً واقعية وعملية”، لكنها في المقابل، “تحتاج إلى تعاطٍ متوازن يأخذ بعين الاعتبار هشاشة المستفيدين من الملك العمومي، ممن اضطرهم الفقر وغياب فرص الشغل إلى البحث عن قوت يومهم عبر القطاع غير المهيكل”.
وأشار المركز إلى أن هذه الفئة “لم تجد بديلاً سوى احتلال الملك العمومي، في ظل فشل السياسات العمومية في توفير بيئة اقتصادية شاملة وعادلة”، وهو ما ساهم في خلق واقع اجتماعي مضطرب، بات يشكل “خطراً حقيقياً على السلم والاستقرار الاجتماعي”.
وسجل بيان مركز عدالة أن السلطات بإقليم الخميسات اختارت، على غرار أقاليم أخرى، نهج مقاربة أمنية مباشرة لمواجهة الظاهرة، دون تقديم بدائل عملية تراعي وضعية الفئات الهشة، ما أدى إلى احتجاجات متفرقة بعدد من المدن والقرى، خاصة بمدينة تيفلت، حيث عبر أرباب المقاهي ومواطنون عن استيائهم من غياب الحوار والاستشارة المسبقة.
وانتقد المركز ما اعتبره “تنصل الحكومات المتعاقبة من مسؤولياتها الاجتماعية والسياسية”، مشيراً إلى أن القرارات الميدانية لم ترفق بـ”أي تصور بديل قادر على امتصاص تداعيات الحملة”، بل “جرت بشكل ممنهج تغييب الفئات المتضررة، وكأنها غير معنية بما يحدث”.
وفي هذا السياق، دعا المركز السلطات المحلية إلى احترام الضمانات القانونية، عبر تسليم قرارات إدارية مكتوبة للمستهدفين بالإخلاء أو الهدم، ما من شأنه تمكينهم من ممارسة حقهم في اللجوء إلى القضاء، في حال تعرّضهم لما يرونه قرارات غير مبررة أو ماسّة بحقوقهم الدستورية.
كما طالب المركز بإعادة النظر في قرارات الهدم المحتملة لمشاريع استثمارية كبرى داخل إقليم الخميسات، مشدداً على أهمية اعتماد مقاربة تشاركية مرنة تستحضر الواقع الاجتماعي، وتمنع تحوّل العملية إلى مصدر احتقان اجتماعي واسع.
وفي ختام بيانه، شدد المركز الحقوقي على ضرورة انفتاح السلطات على الفاعلين المحليين وممثلي المجتمع المدني، بهدف بلورة نموذج تدبيري متفرد لاحتلال الملك العمومي، يوازن بين الحق في التنظيم الحضري والحفاظ على كرامة العيش، ويضمن في الآن ذاته صون الهوية الثقافية والتاريخية لمنطقة زمور.