أكد رئيس النيابة العامة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض “حسن الداكي”، أن الوقاية من التعذيب من أولويات النيابة العامة، منذ إحداث هذا الجهاز بالمملكة، الذي كان قد استقل عن السلطة التنفيذ سنة 2017، تنزيلا لمقتضيات دستور 2011.
وقد جاء هذا التصريح، بمناسبة افتتاح أشغال الدورة التكوينية التي تنظمها رئاسة النيابة العامة، حول موضوع: “البلاغات الفردية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب”؛ احتفالا بالذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وصرح الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض خلال كلمة افتتاحية، أن الدورة تندرج ضمن المجهودات التي تبذلها رئاسة النيابة العامة، في مجال مواكبة انخراط المملكة المغربية في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان بشكل عام.
وأضاف “الحسن الداكي”، أنها تأتي في إطار متابعة تفاعلها مع آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان بشكل خاص؛ وكل ذلك بهدف تعزيز إعمال المعايير الدولية لحقوق الإنسان، المنبثقة عن الاتفاقيات الأساسية التسعة التي صادق عليها المغرب والتزم بإعمال مقتضياتها.
وأشار إلى أن الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية المعتمدة من طرف الأمم المتحدة سنة 1984، والتي وقعت عليها المملكة المغربية دون تردد سنة 1986، وصادقت عليها سنة 1993؛ تشكل أهمية بليغة بين الاتفاقيات، حيث لم تكتف البلاد بالانضمام إليها فقط، بل قررت الانضمام إلى البرتوكول الاختياري الملحق بها لسنة 2014.
وأكد النائب العام، أن البروتوكول يسمح للجنة الفرعية لمناهضة التعذيب المنشأة بموجبه، القيام بزيارات للبلدان التي تعتبر طرفا فيه، كما ينص على إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب.
وتفعيلا لمقتضيات البروتوكول، حرصت المملكة على إنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، من خلال تكليف المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بالقيام بزيارة جميع أماكن الحرمان من الحرية.
وأكد “الحسن الداكي” أن موضوع حماية حقوق الإنسان، حظي بأهمية بالغة ضمن اهتمامات وأولويات رئاسة النيابة العامة منذ إحداثها، مما انعكس على العديد من المبادرات والبرامج التي اعتمدتها، من بينها على سبيل الذكر لا الحصر برنامج، تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان، الذي شرعت في تنفيذه في شهر دجنبر 2020.
وأوضح رئيس النيابة العامة، أن البرنامج يروم تقوية المعرفة بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، قصد تعزيز الالتزام بإعمالها على المستوى الوطني، وبآليات حمايتها على مستوى منظومة الأمم المتحدة، وكيفية التفاعل معها، سيما هيئات المعاهدات، بما فيها لجنة مناهضة التعذيب التي ترتبط بموضوع اللقاء.
وعدد “الداكي” نسبة المستفيدين من البرنامج، الذي بلغ أكثر من 1000 مشاركة ومشارك، منهم أكثر من 900 قاض وقاضية من قضاة الحكم والنيابة العامة، بالإضافة إلى مسؤولين قضائيين بمختلف الدوائر القضائية بالمملكة، وكذا 123 مستفيداً من أطر ومسؤولي رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
فضلاً عن انخراط 108 مستفيدة ومستفيدا، يمثلون مؤسسات وطنية أخرى، بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمديرية العامة للأمن الوطني، وقيادة الدرك الملكي، والمندوبية العامة لإدارة السجون.
كما أشار المتحدث نفسه، أنه منذ انظمام المغرب لاتفاقية مناهضة التعذيب، شهدت القوانين الوطنية إصلاحات مستمرة، وإدماج أحكام هذه الاتفاقية في مقتضياتها، بما فيها دستور 2011، من خلال تنصيصه ملاءمة المواثيق الدولية مع الوطنية، في نطاق الثوابت المغربية، وجعلها تسمو على التشريعات فور نشرها.
وأضاف أن المتحدث أن ذات الدستور، خصص الباب الثاني بالكامل للحقوق والحريات الأساسية، ونص في الفصلين 22 و23 منه بالتوالي على ما يلي:
- لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة. لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية؛
- ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون؛
- لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون؛
- الاعتقال التعسفي أو السري والاختفاء القسري، من أخطر الجرائم، وتعرض مقترفيها لأقسى العقوبات؛
- إخبار كل شخص تم اعتقاله، على الفور وبكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت؛
- يحق للمعتقل الاستفادة في أقرب وقت ممكن، من مساعدة قانونية، ومن إمكانية الاتصال بأقربائه، طبقا للقانون؛
- قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان؛
- كل شخص معتقل يتمتع بحقوق أساسية، وبظروف اعتقال إنسانية، ويستفيد من برامج للتكوين وإعادة الإدماج.
وفضلا عن هذه الضمانات، أحاط قانون المسطرة الجنائية مسطرة التقاضي بها، ووضع القانون جميع أعمال الشرطة القضائية، تحت رقابة القضاء، وأرسى آليات فعالة للوقاية من التعذيب، والتحقيق بشأن الادعاءات المتعلقة به، سواء أمام قضاء النيابة العامة أو قضاء الحكم.
وتجدر الإشارة إلى أن الدورة، تمت بشراكة مع المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، وبتعاون مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وبمساهمة مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن.